#
  • فريق ماسة
  • 2023-08-22
  • 5002

الحل الصحيح يتطلب قرارات جريئة بمبضع الجراح.. لا سيما فيما يتعلق بالليرة السورية

الحكمة تقول إن التشخيص الدقيق للمرض هو نصف العلاج وتحديد المشكلة هو اعتراف بوجودها والعمل يجري بعد ذلك لحلها، وكثيراً ما نسمع عبارات " بهالبلد في مصاري كتير" أو " رغم الوضع السيء، انزل على السوق وبتشوف الكافيهات والمطاعم مليانة ناس", من هنا يمكننا ببساطة فهم المشكلة التي نعانيها والتي يمكن أن نختزلها بالمرادفات التالية: كثرة في الموارد مع سوء في التوزيع، غزارة في المال مع ضعف في إدارتها.إذن تكمن المشكلة الأساسية فيما سبق في ضعف قدرة الدولة على تحويل هذه الفوائض من الموارد من مالكيها إلى مستحقيها بشكل عادل، وإن كان هذا في ظاهر الأمر يعود إلى ضعف السياسية المالية للدولة من حيث عدم قدرة النظام الضريبي على جباية الأموال اللازمة لتمويل الإنفاق العام، إلا أن المشكلة الحقيقية لا يمكن حصرها في المالية العامة للدولة بل تتعداها لتكون مشكلة ذات أبعاد اقتصادية، مالية ونقدية. وهنا نشير إلى أن أحد أسباب سوء الإدارة المشار إليه أعلاه هو عدم تناغم السياستين النقدية والمالية بما يهدف السياسة الاقتصادية للدولة.ولفهم المشكلة بشكل أكثر دقة، نرى أن أصحاب رؤوس الأموال حالياً (أصحاب الوفرة) هم بغالبهم من فئة المتنفذين، أو من أصحاب الأنشطة الاقتصادية (ضعيفة الإنتاجية الحقيقية للاقتصاد – كريوع المطاعم والمقاهي) أو ممن تكونت ثرواتهم بفعل ظروف الحرب دونما حسيب أو رقيب.. وهنا يأتي السؤال الأكثر أهمية، كيف للدولة أن تقوم بتحويل هذه الأموال من أصحاب الفائض إلى أصحاب النقص بالشكل الذي يضمن العدالة الاجتماعية قدر المستطاع ويخفف الأعباء عن المواطن العادي (ذو الدخل الممحوق)؟تكمن الإجابة في نقاط متعددة يمكن تلخيصها بالتالي:= لا بد أولا من توجيه موارد الدولة كافة لتوفير شبكة الانترنت بين المواطنين وبأسعار زهيدة بالشكل الذي يسمح لجميع المواطنين باستخدام شبكة الانترنت بشكل دائم وتخفيض رسوم الأجهزة الذكية (إن حجم التكلفة الهائلة التي ستنجم عن هذه الخطوة سيتم بتعويضها لاحقا بالأرباح التي ستحققها المالية العامة للدولة من تنفيذ الخطوات اللاحقة)= نزع قيمة العملة أو ما يسمى Demonetization: نفترض أن معظم أصحاب الثروات يقتنون أموالهم بالفئة الأعلى من العملة (فئة 5000 ليرة سورية)، وبنفس الوقت يرفض معظمهم التصريح عن حجم ثروته الحقيقية، يمكن للمصرف المركزي اتباع سياسة نزع القيمة من خلال إجبارهم على إيداع أموالهم في حسابات بنكية من خلال التالي:يعلن المصرف المركزي عن اعتبار فئة 5000 ليرة فئة لاغية لا قيمة لها بعد تاريخ محدد (وليكن بعد 3 أشهر) وليتجنب المواطنين فقدان قيمة أموالهم. يتوجب عليهم المسارعة إلى فتح حسابات بنكية في المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية.تقوم البنوك العامة والخاصة بفتح حسابات للمواطنين وتقوم بربط هذه الحسابات بهوية مالية للمودع (أشبه برقم ضريبي منفرد يتمتع به صاحب الحساب وهذا الرقم يكون خاص بكل مواطن بحيث أنه إذا أودع أمواله في أكثر من مصرف لاحقا تكون الهوية المالية شرط أساسي لفتح هذا الحساب وبذلك يسهل متابعة وتعقب السحوبات والايداعات لكل صاحب حساب هذا داخلياً وخارجيا ستعود العملة من فئة 5000 ايضا)= حرصاً على تجنب الركود، يتم تعويض المسحوب من هذه الفئات بإصدارات جديدة من فئة جديدة ولتكن 10 آلاف وذلك مع تعهد المصرف المركزي بإعادة سحبها خلال جدول زمني محدد (من الأفضل ألا يتم الإعلان عنه، وذلك لإشعار المضاربين بالعملة بأنه هذه النقود قد تفقد قيمتها بأي لحظة)الانتقال بتطبيق هذه الاستراتيجية إلى ما أمكن من المواطنين، بهدف الوصول إلى مرحلة يكون من خلالها جميع المواطنين مرتبطين بحسابات بنكية (بالنسبة للفئات ذات الدخل الأقل: يمكن إغرائهم بمنح تسهيلات ائتمانية معينة وقروض بشرط فتح حسابات بنكية)= تفعيل الدفع الالكتروني (والذي سيصبح أكثر فاعلية، طالما أن الانترنت أصبح متوافراً للجميع). عندها في حال قيام أي منشأة تجارية /زراعية/ صناعية / سياحية سواء أكانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة الحجم، عند قيامها باستلام أي دفعة من خلال الدفع الالكتروني، ستظهر هذه الدفعات عند جهاز مالي ونقدي متخصص بمتابعة ومراقبة التحويلات النقدية.تفعيل ميزة الحسومات لمستخدمي الدفع الالكتروني (بهدف تحفيز المواطنين على استخدام الدفع الالكتروني وفتح حسابات مصرفية، يمكن منحهم خصومات أو استرداد كاش معين في حال قيامهم باستخدام الدفع الالكتروني) وبالمثل يمكن استخدام ميزة الحسومات الضريبية لأصحاب المنشآت التجارية ممن يستخدمون الدفع الالكتروني بهدف تحفيزهم أيضا على فتح الحسابات المصرفية. باختصار: يمكن القول إن الهدف في هذه المرحلة هو الانتشار الأفقي لسياسة الدفع الالكتروني وفتح الحسابات المصرفية.ويمكن للدولة فرض نظام ضريبي جديد يتوافق مع الدراسات الإحصائية التي سيتم اجرائها على موارد كل فرد ونفقات كل فرد (فيمكن الوصول إلى نظام ضريبي أكثر عدالة)تقوم الدولة بعدها باستخدام هذه الموارد باتجاهات أساسية:الحفاظ على سلامة وسلاسة استمرار العمل بهذا النظام من خلال العمل على توفير الانترنت بشكل دائم وصيانة البنية التحتيةتوزيع الدعم بشكل نقدي لمستحقيه بدلا من سياسة تعدد الأسعارزيادة الحصيلة الضريبية وبالتالي زيادة استثمار الدول بمشاريع بنية تحتية تخدم إعادة الأعماروالغاء تداول النقود بين العامة وبالتالي تجفيف أحد المصادر الأساسية للمضاربة على العملة.

المصدر : كمال الشيخ علي _ إعلامي اقتصادي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة