دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ضحوا فأصبحوا أخلد الأحياء، هم الشهداء، عناوين النصر،
نور أبدي في الوجدان، في عيدهم تتزاحم قصص البطولات، وتستعيد الملاحم ألقها كأنها
من الأمس القريب، إنهم شهداء الوطن الذين تسابقوا إلى الشهادة لتحيا الأمة، لتحافظ
على وجودها بين الأمم والحضارات، في تضحياتهم وعبير دمائهم الطاهرة حياة أبدية
وخلود للوطن الذي استحق منهم بذل الأرواح والدماء في سبيل عزته وكرامة أبنائه.
في وطني يتسابق رجاله الغيارى لقتال الأعداء ورد الأذى
عن أبنائه، يستبسلون في سبيله، يرتقون شهداء، وكلهم إيمان بأن دماءهم تشع نوراً
يضيء القادمات من الأيام، بدماء الشهداء وعطائهم ووفائهم يتألق الوطن وترتفع مكانة
الأمة إلى المكان الذي يليق بها.
في ذكرى شهداء السادس من أيار 1916 يحيي السوريون ذكرى
الشهداء الذين استقبلوا أعواد المشانق في بيروت ودمشق وحناجرهم تغني للوطن، تنادي
للحفاظ على كرامة أبنائه وحريتهم ورد الأذى عنهم من المحتل التركي.
ذكرى عيد الشهداء تجددت مع شهداء الواجب الوطني الذين
قدموا أرواحهم رخيصة في محراب الشهادة في حرب تشرين التحريرية وفي لبنان وفلسطين،
وصولاً إلى تضحيات رجال الجيش العربي السوري الذين يوقدون مشاعل النصر بدماء
الشهداء وهم يقارعون الإرهاب الذي حاول النيل من سورية منذ أكثر من 12 عاماً، وما
يزال بواسل الجيش يطاردون فلول الإرهابيين إيذاناً بتطهير آخر شبر من تراب الوطن.
في الذكرى السابعة بعد المئة ما تزال ملحمة ارتقاء
الشهداء من القادة الوطنيين والمفكرين والمثقفين الغيارى من القادة المقاومين
للاحتلال العثماني ماثلة في ضمائرهم يتناقلون معاني الشهادة من جيل إلى جيل.
المحتل العثماني قبل مئة وسبع سنوات حاول أن يطفئ عنفوان
شعبنا وشعلته الملتهبة طلبا للحرية والاستقلال، حاول خنق صوت الحرية، بإعدام خيرة
المثقفين والأدباء والمفكرين، اعتقد حينها السفاح جمال باشا أن أعواد المشانق سوف
تكتم أصوات الحق، لكنه كان جاهلاً بعمق انتماء السوريين لوطنهم ولم يتصور أن تتحول
تلك الأعواد إلى مراجع عزة وكبرياء كتبت تاريخاً مشرقاً لوطن يستحق الحياة.
في عام 1916 ارتقى 14 شهيداً أعدموا في ساحة البرج في
بيروت و7 في ساحة المرجة بدمشق، وتكريماً لأرواحهم الطاهرة أطلق السوريون
واللبنانيون اسم “ساحة الشهداء” على كلتا الساحتين.
شهداء السادس من أيار الذين أرعبوا المحتل العثماني
بعقولهم النيرة ودمائهم الطاهرة، رسخوا قاعدة صلبة في النضال الوطني، وسارت قوافل
الشهداء على هدي دمائهم وتضحياتهم، وأفضل صورة تعبر عن هذا الأثر هي قوافل الشهداء
من الجيش العربي السوري وأبناء الوطن الشرفاء الذين ارتقى منهم الآلاف وحطموا
بتضحياتهم مخططات الأعداء، وطهرت معظم ربوع الوطن من رجس الإرهابيين.
مدرسة الشهادة التي يفخر بها السوريون يحتفلون بها اليوم
بذكرى الشهداء “أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر” يتقدمهم شهداء الجيش والقوات
المسلحة الذين أبروا بقسمهم في الدفاع عن الوطن، ومن خلفهم الشهداء من العمال
والفلاحين والمعلمين والمدنيين الذين استمروا في أداء واجبهم فبقيت عجلة الحياة في
دورتها، بطيئة أحيانا ولكنها لم تتوقف.
في هذه الذكرى الغالية على قلوب السوريين لا ننسى
الشهداء من العاملين في المؤسسات الإعلامية، فكانوا نبراساً لرفاقهم الذين استمروا
في عملهم لنقل حقيقة الحرب الإرهابية على سورية، وفي مقدمتهم المراسلون الحربيون
الذين نقلوا بالصوت والصورة والكلمة بطولات الجيش العربي السوري في ساحات المعارك
ضد الإرهابيين المندحرين أمامهم.
بعد قرن ونيف على ارتقاء شهداء السادس من أيار، ما تزال
قيم الشهادة ومعانيها تحتل مكاناً واسعاً في قلوب السوريين، الذين ما بخلوا يوما
بأبنائهم وبأنفسهم، وخير دليل، قوافل شهداء الجيش عنوان النصر القريب الذي سيحتفل
به الوطن لتكون سورية أقوى مما سبق، تليق بمن ضحوا وبمن يواصلون المسيرة على هدي
تضحيات الشهداء.
المصدر :
سانا
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة