دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بيضة قبّان التوازن في سوق التمويل السورية..
لعلّه التوصيف الأنسب والأكثر التصاقاً بالحقيقة لمؤسسة ضمان مخاطر القروض.. فبعد انتظار
طويل، أبصرت المؤسسة النور، لتخطو أولى خطواتها القانونية في عمليات التنمية الاقتصادية
والاجتماعية، وحلّ أكبر مشكلة يواجهها طالبو التمويل وهي «الضمانات».. فالمؤسسة وجدت
لمساعدة أصحاب المشروعات في الحصول على معززات حقيقية آمنة للحصول التمويل اللازم للانطلاق
بمشروعاتهم أو توسيعها.
ويبدو أن الآمال الممزوجة بالإصرار هي العنوان
الذي اتخذه القائمون على المؤسسة في التوجّه لإنتاج مصافحة دافئة حقيقية في السوق المصرفية
السورية، رغم أنها تتصدى لمهمة تنظيم الوضع في أعقد ظرف اقتصادي يمر على البلاد خلال
الأزمة.
بموجب اتفاقية خضعت للتعديل أخرجت المؤسسة
صيغ الاتفاق النهائية لتجسد صلة الوصل مع المصارف العامة والخاصة، بغية الاستجابة الفعلية
من المصارف التي وصل عدد الموقعين منها على الاتفاقية مع المؤسسة الوليدة 14 إلى مصرفاً
حتى الآن، بينها فقط أربعة فاعلة بشكل متفاوت مع المؤسسة وعلى رأسها المصرف التجاري.
يدور عمل المؤسسة ومهمتها «لنبيلة» في قطاع
يعد الأوسع من بين المشروعات الموجودة محلياً، وهي الصغيرة والمتوسطة، في وقت لا يتجاوز
فيه حجم التمويل المخصص لها من القطاع المصرفي ككل 3% فقط.
وبينما تبحث المؤسسة عن موطئ قدم فعلي على
خريطة ضمان القروض المتعثرة، يجد الرأي العلمي الاقتصادي أنه من الضروري بمكان استكمال
الهياكل المالية والنقدية الموجودة، لأنه عندما يتم إنشاء عدة مؤسسات ضمان ودائع وعدة
مؤسسات ضمان مخاطر القروض فإن ذلك يعد بمنزلة صيانة للنظام الاقتصادي وتخفيف عبء الأزمات
عنه.
«منصة تشرين» تسلط الضوء على المؤسسة الحديثة
الواعدة، والآليات المتبعة للتشبيك مع البنوك واختبار جدية الأخيرة في الاتجاه نحو
الانخراط في العمل التنموي في حوارٍ مفتوح مع المدير العام لمؤسسة ضمان مخاطر القروض
الدكتور قيس عثمان، والدكتورعلي كنعان أستاذ المصارف في كلية الاقتصاد في جامعة دمشق.
تغطيةُ حاجات التمويل
يؤكد الدكتور قيس عثمان مدير عام المؤسسة
أن الهدف الأساس لها مساعدة أصحاب المشروعات بالحصول على حاجاتهم التمويلية عبر الحصول
على القروض من المصارف بهدف إقامة المشروعات أو التوسع في أي مشروع قائم وزيادة طاقته
الإنتاجية ما يزيد دخل المشروعات، ويوسع فرص العمل في الاقتصاد الوطني، ويخفض مشكلة
البطالة القائمة.
كما أن لها هدفاً ثانياً يتمحور حول تعزيز
دور المصارف في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو دور مهم جداً يجب أن تقوم
به المصارف من خلال زيادة حجم التمويل الممنوح للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تصل
نسبتها إلى 97 في المئة من نسبة المشروعات في سورية.
3% حجم التمويل المصرفيّ
تعمل المؤسسة على زيادة حجم التمويل من
القطاع المصرفي لهذه المشروعات الكبيرة العدد، إذ يصل حجم التمويل الخاص بها وفقاً
للإحصاءات الموجودة إلى 3% من حجم التمويل المصرفي، كما يؤكد عثمان، مبيناً أن حجم
التمويل القليل وعدد المشروعات (المتوسطة والصغيرة) الكبير استدعيا التوجه لدعمها بشكل
مباشر، خاصة أن أصحابها يواجهون مشكلة الضمانات غير الكافية للحصول على القرض المطلوب.
عثمان: التعاونُ مع المصارف الخاصة ليس كما يجب ربما لأنها تحتاجُ إلى وقت أكثر
حتى تصوغ إجراءات تنفيذ الاتفاقية مع المؤسسة.
ويضيف: إن المؤسسة تتدخل كطرف ثالث بين
المقترض والبنك، وتقدم الضمانة وتدرس الجدوى الاقتصادية للبنك وتتحمل الجزء الأكبر
من مخاطر القرض، وقد تتحمل 75%من أصل القرض.
استجابةٌ خجولة
وعند سؤال عثمان عن استجابة البنوك سواء
العامة أو الخاصة للتعاون مع المؤسسة، وإن كانت قاعدة التعاون والاستجابة تؤمن تشغيلاً
مقنعاً للمؤسسة؟ أوضح أن المؤسسة في انطلاقتها الأولى، وبدأت عملها خلال شهر أيلول
من العام الجاري وأصدرت صكوك ضمان، وأبرمت اتفاقيات مع البنوك.
لافتاً إلى أن الاتفاقية مع البنوك خضعت
لمراجعة معمقة بناء على الملاحظات والاقتراحات الواردة من إدارة البنوك نفسها، والتي
كانت ردة فعلها على الصيغة النهائية للاتفاقية بأنها قابلة للتطبيق، ما فسح المجال
للتعاون مع المؤسسة.
ووصف التعاون بأنه خجول حتى الآن، مرجعاً
السبب إلى أن المؤسسة لا تزال في بداية عملها، ومن حق البنوك أن تأخذ المساحة الزمنية
الكافية لتفعيل الاتفاقية، متمنياً عدم المماطلة، والعمل بشكل جدي مع المؤسسة.
وأكد عثمان أن المؤسسة الوليدة على أتم
الاستعداد لتقديم خدماتها، وهي جدية في عملها ومشروعها، كذلك حريصة جداً على مصداقيتها
مع عملائها المتوقعين.. وبلغ عدد المصارف التي وقعت اتفاقية مع المؤسسة 14 مصرفاً من
القطاعين الحكومي والخاص، ليثني على تعاون المصرف التجاري، ومن المصارف الخاصة ذكر
عثمان، المصرف الدولي للتجارة والتمويل وبنك الأردن ومصرف الوطنية.
استكمال الهياكل
من جهته، يرى الأستاذ في كلية الاقتصاد
بجامعة دمشق الدكتور علي كنعان ضرورة استكمال الهياكل المالية والنقدية كمنظومة على
مستوى البلاد، ليشير إلى أن الهيكل النقدي الحالي غير مكتمل شارحاً ذلك بالقول: يوجد
مجلس النقد والتسليف والبنك المركزي، وتأتي بعدهم بالترتيب البنوك، تأتي بعدها المؤسسات
الخدمية التي تنشط وتعالج، ومنها مؤسسات ضمان الودائع –الغائبة- ومؤسسات ضمان المخاطر
التي انطلقت حديثاً.
ويرى كنعان أن إحداث مؤسسة ضمان مخاطر القروض
خطوة جيدة، ولكن خطوة واحدة فقط لا تفي بالغرض، إذ يجب أن يتم تجهيز ثلاث مؤسسات يكون
ترتيبها كالآتي: الأولى للتمويل المتوسط والكبير، والثانية للمتناهي الصغر، والثالثة
عامة، تجمع الجميع معاً.
ويشير كنعان إلى أن مسألة ضمان الودائع
ينبغي ألّا تلقى على عاتق المصرف المركزي، لأنه في كل دول العالم توجد مؤسسات ضمان
الودائع، سواء للمدخرات الصغيرة أو للمدخرات الكبيرة، والدستور صان الملكية وسمح للمواطن
بالتصرف بملكيته كما يشاء.
ويجدد كنعان تأكيده أن عمل عدة مؤسسات ضمان
ودائع وعدة مؤسسات ضمان مخاطر القروض، يصنف بأنه صيانة للنظام الاقتصادي وتخفيف لعبء
الأزمات عنه.
أعقد الظروف
جاءت مؤسسة ضمان مخاطر القروض لتنظم الوضع
في أعقد ظرف تمر فيه سورية خلال الأزمة، ويحدد كنعان الإشكالات التي ترتبط بالمؤسسة
بتوصيفها بأنها مشكلة بين المقترض والمصرف من جهة ومشكلة بين المقترض والمؤسسات الحكومية
من جهة أخرى، حيث الحصول على التراخيص اللازمة لأي مشروع مسألة غاية في الصعوبة يواجهها
أي مستثمر، إضافة إلى مشكلة أخرى يواجهها مع البنوك بافتقاده للضمانة المطلوبة، وهنا
يبرز دور مؤسسة ضمان مخاطر القروض التي وجدت لحل هذه الأزمة.
٣ سنوات للاستقرار
يجد الدكتور كنعان أن استقرار عمل المؤسسة
يحتاج إلى 3 سنوات ليتم فهم عملها بشكل كامل من البنوك، موضحاً أنه لا يمكن إلزام البنوك
بالاستجابة السريعة، حتى لو وقعت على الاتفاقية مع المؤسسة، لافتاً إلى أهمية وجود
مكاتب مختصة لمتابعة تنفيذ القروض ضمن البنوك تعمل على إعداد تقارير ربعية أو نصفية
أو سنوية للمشروعات الحاصلة على التمويل.
وتحدث عن الطريقة التقنية الرابطة بين المصارف
ومؤسسة ضمان المخاطر مبيناً أن الخبرة تنقصنا بهذه الجزئية, لذلك نذهب إلى الدول التي
لها تجارب في هذا المجال، ونستفيد منها ولكن مع إعطاء تلك التجارب الطابع المحلي.
قوننة الاستغلال
«منصّة تشرين» سألت عن دور المصارف الخاصة
العاملة في السوق السورية ودورها في التنمية وتمويل المشروعات الصغيرة.
وهنا يوضح الدكتور كنعان أنه لا يوجد بلد
في العالم سمح بتأسيس بنوك خاصة بالكم والعدد الذي سمحنا به في سورية، وكان من الممكن
أن تدخل البنوك إلى البلد على شكل فروع لشركات أُمّ خارجية، ما حصل كان خطأً، لأنه
يمكن السماح بافتتاح فروع لمصارف أجنبية أو مصارف كاملة، لكن من غير المقبول أن تسمح
لمصارف موجودة في دول أخرى كانت تستغلك سابقاً، أن تأتي وتستغلك على أرضك وبالقانون.
وأضاف كنعان: هي تجربة فريدة للأسف، ما
تم هو قوننة استغلال المواطن السوري من البنوك العربية التي تم تأسيسها في سورية، إذ
أخذوا الأموال السورية وحولوها إلى دولار وربحوا على حسابه، ولم يقدم معظم البنوك الخاصّة
قروضاً حقيقية للمواطنين، فلو فرضنا أن البنوك الخاصة لديها ما يعادل 3 تريليونات ليرة
ودائع، فالمفروض أن تقوم بإقراض 2,8 تريليون إذا احتفظت بنسبة 15 % احتياطياً إلزامياً،
وما تم هو قيام هذه المصارف بإقراض عدد محدد من الأشخاص (3 أو 4) ومن ثم أخذها إلى
الخارج واستخدامها في مشروعات استثمارية، ولم تستخدم لشركات زراعية أو صناعية سورية،
والمفروض أنه تم فتح الباب لها لتعمل كبنوك، وليس لتغرق في السمسرة من خلال تجميع الودائع
السورية لتوظيفها في الخارج وتحقيق أرباح.
وأعاد الدكتور كنعان تأكيده أنه تمت شرعنة
استغلال المواطن السوري من مصارف أجنبية، تعمل بإدارات وكوادر وأنظمة عمل مصرفية غير
سورية، مرتبطة بالمصرف الأم، لتدفع في نهاية العام مبالغ خيالية له مقابل مجرد استخدام
نظامه المصرفي.
كنعان: عملُ عدة مؤسسات ضمان ودائع وعدة مؤسسات ضمان مخاطر القروض صيانةٌ للنظام
الاقتصادي وتخفيفٌ لعبء الأزمات عنه
وأشار كنعان إلى وجود أمر آخر بخصوص المصارف
الخاصة، وهو حسابات المراسلين، فإذا نظرنا إلى آلية عمل المصرف التجاري السوري مثلاً،
يقوم باعتماد مراسل خارجي يدفع ثمن المستوردات، ويضع لديه مؤونة من القطع الأجنبي،
ليمول الاعتمادات التي يفتحها «التجاري»، لكن حسابات مراسلي المصارف الخاصة تصل إلى
80% من حجم ودائعها، بحجة أنها لأجل التسهيلات الخارجية لعدم قدرتهم على تحقيق أرباح
في السوق المحلية، وهذا الأمر من قبل حصول الأزمة، إذ يتم تقسيم حسابات المراسلين إلى
٣ أجزاء الأول منها للتمويل، والثاني يوضع بفائدة، والثالث استثمار، لنجد في حساباتهم
الختامية في نهاية العام أرباحاً ضخمة، لكنها غير ناتجة عن الإقراض والتشغيل في سورية،
وهذه مشكلة كبيرة لم تعالج حتى الآن، ومن الواضح أن المصارف الخاصة لا تريد العمل في
السوق المحلية، ولا تقترب من الإقراض الصغير، حتى إنها لا تملك الكوادر البشرية اللازمة
لرقابته في حال رغبت في ذلك، لذلك حتى لو تم توقيع اتفاقية مع مؤسسة ضمان مخاطر القروض
فلن تنفذ.
رضا
أما الدكتور قيس عثمان فقد وصف العوائق
والصعوبات التي تحول دون انطلاق المؤسسة كما يجب، مبيناً وجود حالة من الرضا لما تم
تحقيقه خلال فترة وجيزة (منذ شهر أيلول)، لكن التعاون مع المصارف الخاصة ليس كما يجب،
وربما لأنها تحتاج إلى وقت أكثر حتى تصوغ إجراءات تنفيذ الاتفاقية مع المؤسسة.
المصدر :
تشرين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة