دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أكد المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية
لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السفير ميلاد عطية أن استمرار الولايات المتحدة الأمريكية
وبعض الدول الغربية وتركيا في تسييس عمل المنظمة يضع قدرتها على الاضطلاع بولايتها
بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية على المحك ويهدد مستقبلها.
وفي بيان سورية الذي ألقاه خلال جلسة افتتاح
الدورة التاسعة والتسعين للمجلس التنفيذي للمنظمة اليوم حذر السفير عطية من أن اتساع
رقعة التهديدات الإرهابية الكيميائية بات يشكل تهديداً جدياً للسلم والأمن الدوليين
لافتاً أنه لا توجد دولة في مأمن من هذا التهديد الخطير.
وقال عطية “تؤكد الجمهورية العربية السورية
أن سلوك بعض الدول الأطراف وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية
وتركيا في التغطية على جرائم وممارسات المجموعات الإرهابية في سورية شجع أولئك الإرهابيين
على ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق المواطنين السوريين بما في ذلك استخدام مواد
سامة طيلة السنوات الثماني الماضية لاتهام الحكومة السورية بها”.
وأوضح عطية أنه رغم الظروف الصعبة والمعقدة
التي مرت وتمر بها سورية فإن الولايات المتحدة لا تزال تطلق ذرائع كاذبة وواهية لتبرير
عدم الوفاء بالتزاماتها بتدمير ترسانتها الكيميائية حتى هذا التاريخ مؤكداً أن ما تعرضت
له سورية خلال السنوات الماضية داخل المنظمة إضافة إلى النهج المسيس والمضلل أثار تساؤلاً
جدياً لدينا حول قدرة المنظمة على الاضطلاع بولايتها بموجب الاتفاقية ومدى قدرتها على
الصمود أمام الضغوط التي تتعرض لها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
واعتبر عطية أن هذا التحدي الجدي لا يخص
سورية فحسب بل يعد مشكلة عالمية ذات طابع منهجي لأن المنظمة قد تحولت إلى أداة للتلاعب
السياسي أبعدتها عن مهنيتها ومصداقيتها وخاصة النهج الذي تتبعه الدول الغربية بتمرير
القرارات في أجهزة صنع القرار فيها عبر التصويت وتغييب التوافق وعدم احترام آراء الدول
الأخرى.
وأعرب عطية عن أسفه لإقحام هذه المنظمة
الفنية مجدداً بقضايا سياسية وأمنية بحتة وعن القلق البالغ إزاء الحالة التي وصلت إليها
الأمور مؤكداً أن المطلوب وقف هذا الانحدار المستمر في مسار عمل المنظمة والشروع بشكل
جاد وعاجل في تصحيحه للعودة بها إلى تنفيذ ولايتها المنوطة بها باعتبارها الركيزة الأساسية
والمحايدة لنظام عدم انتشار الأسلحة الكيميائية مجدداً حرص سورية الشديد على متابعة
التعاون الإيجابي والبناء مع الأمانة الفنية لها.
ولفت عطية إلى أن سورية واجهت حملة غير
مسبوقة تاريخياً من التشكيك والاتهامات الباطلة بعدم التعاون مع المنظمة وأمانتها الفنية
مبيناً أن بعض الدول استبقت نتائج المشاورات الفنية التي لا تزال جارية بين اللجنة
الوطنية السورية و”فريق تقييم الإعلان” مستغلة ما جاء في بعض التقارير المتصلة بـ
“الإعلان السوري” وتقارير أخرى صدرت عن المنظمة بهذا الشأن رغم تأكيد سورية أن بعض
المسائل الفنية التي تتم مناقشتها بين الجانبين ترتبط بتفسيرات علمية مختلفة وبالتالي
لا يمكن حسمها بشكل مشوه وانتقائي ولا يحق لأي كان القفز إلى الاتهامات مباشرة حول
مسائل لا تزال تخضع للنقاش والبحث.
وأكد عطية أن سلوك تلك الدول يتناقض بشكل
صارخ مع نصوص الاتفاقية ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وما هو إلا محاولة
لتوظيف المنظمة وما تبقى من الجوانب الفنية في الملف الكيميائي السوري لخدمة أغراضها
السياسية المتمثلة بممارسة الضغوط على سورية التي استمرت في تعاونها الإيجابي التام
مع المنظمة والتزمت بحوار منظم مع “فريق تقييم الإعلان” من خلال جولات المشاورات التي
بلغت 24 جولة بهدف إنهاء ما تبقى من مسائل فنية عالقة.
وقال مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر
الأسلحة الكيميائية “إن سورية عبرت ومعها العديد من الدول في أكثر من مناسبة عن ملاحظات
موضوعية تخص عمل بعثة تقصي الحقائق بشأن الاستخدام المزعوم للسلاح الكيميائي في سورية
وتعاونت مع فرق هذه البعثة وقدمت لها كل التسهيلات المطلوبة لإنجاح مهامها لكن هذه
البعثة فشلت في أكثر من اختبار وثبت انحيازها وعدم مهنيتها وتزويرها للحقائق في أكثر
من تقرير أصدرته مثل حادثة خان شيخون عام 2017 وحوادث حلب وسراقب ودوما عام 2018 ومؤخراً تقرير حادثة كفر زيتا عام 2016”.
وأعرب عطية عن قلقه بأن مثل هذا النهج لن
يفضي إلى نتائج واستنتاجات نزيهة وموضوعية داعياً في هذا الإطار البعثة إلى تجاوز العيوب
المرتبطة بنهجها وطرائق عملها واحترامها لأحكام الاتفاقية والالتزام بمعاييرها المهنية
ووثيقة الشروط المرجعية التي جرى الاتفاق عليها مع سورية.
وأكد عطية أنه بات من غير المقبول السكوت
عن استمرار البعثة بالعمل وفقاً لتلك الطرائق الخاطئة مؤكداً أن استمرار بعض الدول
الأطراف بكيل المديح لتقاريرها ومهنيتها ونزاهتها يندرج في إطار استخدام تلك التقارير
لممارسة مزيد من الضغوط على سورية والتغطية على جرائم الإرهابيين وذراعهم جماعة “الخوذ
البيضاء” الإرهابية في هذا المجال.
وفي رده على الاتهامات الباطلة التي جاءت
في بيانات بعض الدول الغربية قال السفير عطية
“إننا نأمل من أعضاء المجلس التنفيذي ألا يكونوا محايدين أو ينأوا بأنفسهم عن
مشروع خطير باتت اللعبة فيه واضحة لاستهداف سورية من خلال هذه المنظمة وعلينا جميعاً
مسؤولية التفكير العميق الذي تحتضنه الحكمة بأن لا يستدرجنا البعض على غرار ما حصل
في الفخ العراقي عام 2003”.
وأضاف عطية “إن صورة وزير الخارجية الأمريكي
الأسبق كولن باول في مجلس الأمن عام 2003 وهو يقدم الأكاذيب التي اعترف هو لاحقاً بأنها
كذلك وعرفها العالم أجمع تتكرر في منابر المنظمة” لافتاً إلى أن المعلومات غير الدقيقة
التي جاءت في التقارير الشهرية الخمسة الأخيرة للمدير العام للمنظمة دفعت وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد
رئيس اللجنة الوطنية السورية إلى توجيه رسالتين له في كانون الأول عام 2021 وكانون
الثاني 2022 ليوضح الكثير من المغالطات وتبيان التلاعب بالجمل والألفاظ والإيحاءات
غير الموضوعية في تلك التقارير.
وتابع عطية “يؤسفنا أيضاً ما تضمنته بيانات
بعض الدول الغربية من افتراءات لا تحتاج إلى إثبات فبعضها دأب على توجيه الاتهامات
الباطلة ضد سورية ويقرأ ويفسر كما يريد بشكل يعكس توجهاته المبيتة ضد سورية ولجأت إلى
التهديد العلني وممارسة الضغوط وكيل الاتهامات وفرض وجهات نظرها على الأمانة الفنية
للمنظمة بشكل مسبق”.
وأكد عطية أن من يقوم بتسييس الملف الكيميائي
السوري هو من يبرر العدوان تلو العدوان على الشعب السوري ويدعم الإرهاب الذي أودى بحياة
الآلاف من السوريين وهجر قسماً كبيراً منهم ويفتري على سورية بأنها لا تزال تمتلك أسلحة
كيميائية أو أنشطة كيميائية محظورة وبأنها استخدمت الأسلحة الكيميائية.. علينا ألا
ننخدع بكلامه وألا تخدعنا الكلمات التي ظاهرها منمق ومغلف بالإنسانية بينما يدسون السم
في الدسم.
وشدد عطية على حرص سورية على ألا تتلوث
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأهدافها الإنسانية بألاعيب بعض الدول مؤكداً أن من يحرص
على هذه المنظمة عليه إبعادها عن التسييس الأمريكي الغربي الذي يهدف إلى إيقاعها في
فخ سيتسبب بفشلها لاحقاً.
ونبه عطية إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية
ومعها بعض الدول الغربية لا يزالون يطورون أشكال هجومهم ضد سورية وهم مصرون على استمرار
توجيه الاتهامات الباطلة وفبركة حكايا وقصص وبالوقت ذاته مصرون على استمرار الحصار
وسرقة الموارد وإفقار الشعب السوري وضخ الغضب في نفوسه وتصنيع اليأس.
وشدد عطية على أن الشعب السوري الذي صمد
على مدار 11 عاماً يعرف جيداً كيف يواجه هذا التآمر والعدوانية التي باتت مكشوفة حتى
لأطفالنا وسيتسمر شعبنا بجيشه البطل وقيادته الحكيمة بالصمود حتى تحقيق النصر النهائي
على الإرهاب وداعميه أياً كانوا.
وحول تطورات الوضع في أوكرانيا والعملية
العسكرية الروسية الخاصة لحماية سكان دونباس أكد عطية أن من حق روسيا الاتحادية المشروع
الدفاع عن أمنها القومي وإبعاد الأخطار المحدقة عن شعبها ومواطنيها انطلاقاً من مبادئ
العدل والإنسانية.
وقال عطية “ندعم روسيا انطلاقاً من قناعتنا
بصوابية موقفها والتي دأبت على تقديم مقترحات عملية ومارست أعلى أشكال ضبط النفس تجاه
كل محاولات التصعيد من قبل الدول الغربية” مبيناً أن من يتحمل مسؤولية الفوضى وسفك
الدماء هو الدول الغربية نتيجة سياساتها التي تهدف إلى السيطرة على الشعوب الأخرى في
أوكرانيا وفي مناطق مختلفة من العالم وضرب الاستقرار في العالم.
ورأى عطية أن استمرار تلك الدول بفرض إجراءات
قسرية أحادية الجانب لا أخلاقية وإرسال كل أنواع الأسلحة والمرتزقة بما فيهم الإرهابيون
الموجودون في سورية إلى أوكرانيا دون أي حسابات لمخاطر تلك السياسات وتهديدها للسلم
والأمن الدوليين.
وقال عطية “آخر من يحق له الحديث عن التدخل
في الشؤون الداخلية للدول هم الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الغربية فالتاريخ
الحديث والمعاصر يشهد على أعمال العدوان والغزو والتدخل والإرهاب التي قاموا بها والتي
شردت وقتلت ملايين الضحايا الأبرياء في دول عديدة في هذا العالم ولا ننسى ما قاموا
به في سورية حيث أدت سياساتهم الرعناء إلى سقوط آلاف الضحايا وتدمير البنى التحتية
وفرض إرهاب اقتصادي يتمثل بالإجراءات القسرية أحادية الجانب منذ عام 2011 وحتى الآن”.
وأوضح عطية أن ما أثارته بعض الدول عن مسرحيات
كيميائية لاتهام روسيا بات معروفاً في أرشيف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ويعيد للأذهان
ما كانت تقوم به تلك الدول من فبركة لمسرحيات استخدام أسلحة كيميائية لاتهام الحكومة
السورية بها وهو يتكرر اليوم مع روسيا بتوجيه اتهامات باطلة لا أساس لها خلال العملية
الخاصة التي تقوم بها حالياً في أوكرانيا دفاعاً عن أمنها القومي ومواطنيها.
وأكد عطية أن تحقيق عالمية اتفاقية حظر
الأسلحة الكيميائية يمثل خطوة مهمة جداً في ضمان إقامة نظام عالمي فعال ضد الأسلحة
الكيميائية إلا أن هذا الأمر لن يتحقق من دون إلزام “إسرائيل” بالانضمام إلى اتفاقية
حظر الأسلحة الكيميائية وبقية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار
الشامل.
وعبر عطية عن أسفه أن دولاً تدعي حرصها
على عدم انتشار الأسلحة النووية تعوق أي مسعى لإنشاء منطقة خالية أسلحة الدمار الشامل
في الشرق الأوسط من أجل حماية كيان الاحتلال الإسرائيلي وإبقائه خارج أي رقابة دولية
على منشآته النووية والكيميائية والبيولوجية.
وأعاد عطية التذكير بأن سورية انضمت إلى
اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية عام 2013 طواعية وبحسن نية إيماناً منها برفض استخدام
الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وفي أي مكان وتحت أي ظرف كان ونفذت بأمانة ومصداقية
قرارها السيادي بالانتهاء من الملف الكيميائي السوري وخلال وقت قياسي وأنجزت ما لم
تنجزه بعض الدول المنضمة قبلها إلى الاتفاقية بسنوات عدة.
وتستمر الدورة الحالية للمجلس لغاية الحادي
عشر من الشهر الجاري.
المصدر :
سانا
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة