#
  • فريق ماسة
  • 2022-02-16
  • 12078

خطة تركيا لتحويل الذهب إلى ليرة مصيرها التعثر

ملاذنا الآمن لن نفرط فيه مهما كانت الضائقة   يرجح المحللون أن تتعرض خطة تركيا لتحويل حيازات الأسر من الذهب إلى الليرة بغية تقوية العملة ودعم الاحتياطات النقدية لدى المركزي إلى انتكاسة كونها قد لا تحظى بإجماع بين الأوساط الشعبية بالنظر إلى تزعزع الثقة في التدابير الحكومية المثيرة للجدل.   أنقرة – يشكك كثير من المتابعين في قدرة الحكومة التركية على تنفيذ خطتها المتعلقة بتحويل مدخرات الذهب لدى الناس إلى ليرة في سياق استراتيجية يتبناها الرئيس رجب طيب أردوغان والرامية إلى تحسين المؤشرات السلبية.   وعندما أعلن وزير المالية نورالدين نبطي الأسبوع الماضي عن خطط لتشجيع الأسر على القيام بذلك في محاولة لدعم احتياطات البنك المركزي، كان يستهدف الكثير من الأتراك ممن يفضلون حيازة هذا المعدن وعدم التفكير في التفريط فيه مثل إسراء جي.   وتقول جي إن “جمع الذهب تقليد ينشأ من عدم ثقة عميق الجذور في الحكومات والعملات ويتم تناقله من جيل إلى جيل”. وأضافت “تلك الأجيال لم تأخذ المال، بل الذهب وأنا من هذا النظام وأريد الذهب حيث يمكنني أن ألمسه وأشعر به”.   وبحسب ما قاله نبطي أمام المستثمرين في لندن الأسبوع الماضي تقوم الخطة بتحويل 10 في المئة من الذهب الذي تقدر قيمته بما يتراوح بين 250 و300 مليار دولار ومعظمه لدى النساء.   جيمس دورسي: إقناع الناس والتجار بتحويل ذهبهم سيكون معركة شاقة   وشاركت عائشة إيسن الرئيسة التنفيذية لمصفاة إسطنبول للذهب نبطي في موقفه. وقالت “ندرك حقيقة وجود ما بين 3 و5 آلاف طن من الذهب لدى الأسر، وهو ما يمثل اقتصادا غير رسمي بحجم يتراوح بين 200 و300 مليار دولار”.   ووفق مجلس الذهب العالمي، انخفض احتياطي الذهب التركي من 583 طنا في يوليو 2020 إلى 392 طنا في بنهاية العام الماضي.   ويرى الخبير في قضايا الشرق الأوسط والأدنى جيمس دورسي أن إيسن أشارت في حديثها إلى صحيفة “صباح” اليومية الحكومية، عن غير قصد على الأرجح، إلى أن إقناع الأتراك بتحويل ذهبهم يمكن أن يكون معركة شاقة.   وكانت إيسن قد جددت التأكيد على أن البرنامج الذي أطلقته المصفاة والمصارف التجارية قبل عشر سنوات لم يسجل حتى الآن سوى 100 طن من الذهب المخفي.   ويقول دورسي إن انعدام الثقة في الحكومة ليس سوى جزء من مشكلة لا تقل أهمية عن حقيقة أن الكثير من كنز الذهب في تركيا غير قابل للمقايضة لأنه على شكل مجوهرات، إذ يحول التجار البالغ عددهم 40 ألفا ما يقرب من 150 طنا من الذهب إلى مجوهرات سنويا.   وبحسب ما ورد، أعلم نبطي المستثمرين أن نحو 30 ألف متجر ذهب ستشتري مجوهرات على ملك القطاع الخاص كجزء من الخطة وستبيعها إلى واحدة من خمس مصاف متعاقدة مع الحكومة يعتقد أنها تشمل مصفاة إسطنبول للذهب.   وتعمل المصافي في الأساس على تحويل المجوهرات إلى سبائك يمكن إضافتها إلى احتياطيات البنك المركزي.   ويؤكد دورسي أنه ليس من الواضح لماذا يعتقد نبطي أن خطته ستنجح هذه المرة بينما فشلت محاولات سابقة، فقد تضمنت إحدى هذه الجهود إنشاء مرفق يسمح لمالكي الذهب بإيداعه لدى البنوك مقابل شهادات يُمكن تداولها في بورصة الذهب.   ولدى جي، التي لا تحب المجوهرات الذهبية منذ عقود، اعتقاد راسخ بأنها لا تثق أبدا في البنك، على الرغم من أنها لا تتردد في إيداع الأموال فيه.   كما أنها تشكك في السلطة، مثل العديد من الأتراك الذين يرى العديد منهم في اكتناز الذهب استثمارا آمنا واحتياطيا لا يمكن أن ينتزع منهم. كما أنه لا ينتهك.   وكان الأتراك في أوائل القرن التاسع عشر يدّخرون الذهب للتهرب من الضرائب العثمانية، ورغم إدخال النقود الورقية لاحقا، استمر السكان حينها في النظر إلى الذهب باعتباره أكثر أشكال الاستثمار أمانا بسبب التضخم.   وقال تاجر ذهب “لا يثق الناس في الشهادة التي لا علاقة لها بالذهب والتي قلل التضخم من قيمتها، كما لا يثق الناس في النقود الورقية منذ ذلك الحين. لقد أصبح الذهب رمزا لعدم الثقة في الدولة”.   وأضاف صاحب محل تصليح مجوهرات “أعمل في المجال منذ عقود وشهدت الكثير من التغيير. شيء واحد لا يتغير أبدا، وهو الذهب”. وتابع “أموالنا لا قيمة لها ويبقى الذهب أفضل بكثير. ويعتبر الذهب، بالإضافة إلى ذلك، جزءا من تاريخنا”.   392 طنا من الذهب لدى البنك المركزي بنهاية 2021 نزولا من حوالي 583 طنا في يوليو 2020   ومن بوابة جذب الذهب المخفي، يهدف نبطي إلى مساعدة الحكومة على وقف السقوط الحر لليرة التي فقدت أكثر من 40 في المئة من قيمتها العام الماضي مع الحد من التضخم الذي بلغ نهاية يناير الماضي 48.7 في المئة رغم أن الخبراء برون أنه عند 115 في المئة.   ويلقي الكثيرون باللوم في الأزمة على مسعى أردوغان المثير للجدل لخفض أسعار الفائدة على أساس اعتقاده غير التقليدي بأن هذا من شأنه أن يخفض مؤشر أسعار المواد الاستهلاكية.   ونتيجة لذلك، قال 75 في المئة من المشاركين في استطلاع أجرته شركة ميتروبول التركية لاستطلاعات الرأي في كانون أول الماضي إن ثقتهم في سياسات الحكومة الاقتصادية قد تضاءلت. وأكد أكثر من نصف الذين شملهم الاستطلاع أنهم لا يؤيدون أداء أردوغان.   وقوض أردوغان استقلال المركزي، وأقال ثلاثة من محافظيه ومسؤولين آخرين عارضوا تخفيضات الفائدة في العامين الماضيين.   كما غير وزراء المالية أربع مرات منذ العام 2018، ونسج نظريات المؤامرة من خلال إلقاء اللوم على “عصابة أجنبية غامضة” اتهمها بالتسبب في مصاعب تركيا الاقتصادية.   ويرى دورسي صاحب مدونة “عالم الشرق الأوسط المضطرب” أن انعدام الثقة العام تجلى في الآونة الأخيرة بشكل أكبر في موجة الاحتجاجات على الزيادات الهائلة في أسعار الكهرباء حيث يكافح الملايين لدفع فواتير متضخمة ويهدد التضخم الشركات بالإفلاس.   واقترح الرئيس التركي مؤخرا أنه سيوقف أو يبطئ خفض أسعار الفائدة، إذ ساعدت سلسلة من الإجراءات الطارئة الليرة على استعادة بعض قيمتها مقابل الدولار.   ورفعت هذه الإجراءات نسبة مساندي أردوغان بنقطتين إلى 40.7 في المئة في يناير الماضي، ولكن هذه النسبة لا تزال أقل بكثير من 54.4 في المئة الذين قيموا أداء الرئيس بشكل سلبي.   ولا تكشف الأرقام عن درجة الثقة التي من المحتمل أن يحتاجها نبطي لإقناع مواطنيه المتشككين جوهريا بالتخلي عن ذهبهم الثمين.   وقال مصرفي سابق في إسطنبول إنه “من غير المرجح أن يعرض الناس ممتلكاتهم للخطر بسبب مخطط لا يضمن قدرتهم على الحفاظ على أي ثروة. ولن يحدث هذا بالتأكيد في وقت الاضطرابات الاقتصادية واتساع فجوة الثقة”.


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة