دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أعلنت الولايات
المتّحدة الأميركيّة أنَّ مصالحها في سوريا ترتبط بهدفين مزدوجين: الأول هو
المساعدات الإنسانية التي رصدت لها الأموال بعد أن أوقفتها الإدارة الأميركية
السابقة، والآخر هو الوجود العسكري الأميركي لمحاربة تنظيم “داعش”.
تعيد إدارة
الرئيس الأميركي جو بايدن ربط السياسة الأميركية بهزيمة “داعش” في كلٍّ من سوريا
والعراق. وقررت الاحتفاظ بقوات برية، وبأصول سلاح الجو الأميركي لدعم “قوات سوريا
الديمقراطية”؛ القوة التي تعتبرها شريكة، إذ تصدَّرت محاربة “داعش”، وهي تشكّل
الأولوية الثانية للإدارة، الأمر الذي يُعَدّ أمراً مهماً بالنسبة إليها من أجل
زيادة المساعدات.
ترتبط الأولوية
الأولى، أي المساعدات الإنسانية، بالمداولات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،
والتفويض الذي يحكم إيصال المساعدات عبر الحدود إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلَّحون
تحت الرعاية التركيّة، بحيث توجد “هيئة تحرير الشام” التي تُعتبر إرهابية في
مقاييس الأمم المتَّحدة والولايات المتحدة الأميركيّة.
هل تستخدم موسكو
الفيتو في مجلس الأمن؟
ينتهي التفويض
الخاصّ بنقطة العبور في 10 تموز/يوليو. الموقف الروسي واضح، وهو يتمثل بأن حكومة
دمشق هي التي تتولّى هذا الموضوع، إذ إن سوريا دولة ذات سيادة. وبالتالي، على
الأمم المتحدة تقديم المساعدة من خلال عاصمة البلاد فقط.
تحاول إدارة
بايدن الاستفادة من العلاقة التي تربط تركيا بروسيا، وهما شريكتان في عملية
أستانة، من أجل إيجاد حل وسط بشأن تسليم المساعدات بين المناطق الخاضعة لسيطرة
تركيا والحكومة السورية. أمّا الصيغة الأساسية التي تقترحها، فهي تأمين استمرار
وصول هذه المساعدات التي ستؤدي إلى زيادة إجمالي المساعدة الأميركية للأمم
المتحدة، والتي ستشمل بالضرورة مزيداً من المساعدات المقدَّمة عبر دمشق.
تعتقد الإدارة
الأميركية أنَّ هذا الحل الوسط من شأنه أن يُرضي بعض رغبات روسيا، لكن من دون
المساومة على الوجود الأميركي في الشمال الشرقي والشمال الغربي من البلاد. وأوضحت
إدارة بايدن لموسكو صراحةً أنها تنوي البقاء في سوريا. ونسّقت عبر مبعوثيها مع
قيادة “قوات سوريا الديمقراطية” لوضعها في صورة القرارات المتخذة في هذا الشأن،
وهي تحاول إقناع تركيا بضرورة التنسيق معها. كما أوضحت إدارة بايدن أنها ستحتفظ
بقوات في البلاد في مقابل زيادة المساعدة الأميركية لإدارة الكارثة الاقتصادية في
سوريا.
ترمي واشنطن
الكرة في ملعب موسكو. فهي تريد علاقة تنسيق مع روسيا في سوريا، لكن هذا لا يطال
السياسة الأميركية في مناطق أخرى. وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، الذي زار
تركيا بعد زيارة المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا
توماس جرينفيلد، لتركيا في 2 نيسان/أبريل المنصرم، وتوجّهها مع المسؤولين الأتراك
إلى غازي عنتاب في الجنوب الشرقي لإجراء الاتصالات وللمراقبة عند الحدود السورية،
توجَّس من هذه الزيارة التي كان ظاهرها الواضح تفحّص منطقة إيصال المساعدات
الإنسانية إلى منطقة إدلب – حلب في غربي سوريا، وتخفيف العبء عن تركيا فيما يتعلق
باللاجئين. لكن السبب الحقيقي هو التعاون لموازنة قوة روسيا في غربي سوريا، في
مقابل قيام الولايات المتحدة بسحب “قسد” من المناطق التي تريد تركيا إحكام سيطرتها
عليها.
تصاعد التوتّر
في موسكو عندما بدأت مناقشة المساعدات الإنسانية لسوريا على طاولة المفاوضات في
قمة “الناتو” في 14 حزيران/يونيو، وبعد اقتراح بعض الدول الغربية مواصلة إرسال
المساعدات الإنسانية إلى سوريا، لكن عبر تركيا والعراق، وطرح موضوع موافقة روسيا
على هذه الاقتراحات.
البحث عن تفاهم
بين الإدارة الأميركية وروسيا بشأن سوريا مهم جداً بالنسبة إلى تركيا، لكون أنقرة
تفكر في السيناريوهات الأخرى المحتملة، والتي تسعى خلالها قوى متعددة لتقويض هذه
العلاقة، عبر افتعال معارك عسكرية بين تركيا وروسيا.
هل فشلت
المحادثات الأميركية الروسية في جنيف؟
اتَّهم لافروف
الولايات المتحدة بـ”افتعال أزمة إنسانية”، وكان قد صرح بأن لا وجود لأي بديل من
التسوية السياسية السلمية لحل النزاع في سوريا، بناءً على القرار الدولي 2254. واعتبر
أن تفاقم الوضع الإنساني في سوريا هو نتيجة حتمية لوجود الاحتلال الأجنبي على
أراضيها الخصبة واستغلاله ثرواتها الطبيعية، وهدد بالفيتو في مجلس الأمن إذا تم
اقتراح فتح معبرين إلى جانب باب الهوى.
يعتبر لافروف أن
الوجود الأميركي يشجّع الكرد على الانفصال عن الدولة المركزية، ولا يرى أن “داعش”
تشكل الخطر الحقيقي بعد التعاون الروسي الأميركي على ضربها، بل يرى أن “هيئة تحرير
الشام” تشكّل عصب الإرهاب، ولا بد من إزالتها.
هل يعني ذلك
تصعيداً من جانب موسكو؟ هل يمكن اعتباره دليلاً على فشل المحادثات الأميركية
الروسية في جنيف، أم أنه مقدّمة لإفساح المجال لتفاهمات يمكن أن تُوصل إلى حلول؟
موسكو مُستمرة في محاولة إنهاء بؤر التوتر عبر التفاهمات مع أنقرة وطهران ودمشق،
من خلال اجتماعات أستانة، وهي حريصة على العلاقة بتركيا، مع العلم بأن الأخيرة
تتجاوب بصورة واضحة مع بايدن، لكنها تحاول موازنة العلاقة، فهي لا تريد خسارة
التعاون مع موسكو، وهو أمر صعب، في ظل العداء الذي تكنّه الدولة العميقة الأميركية
للرئيس الروسي في عدة ملفات، أهمها الهجوم السيبراني والتدخل في الانتخابات
الأميركية. تبقى سوريا منطقة التهدئة التي تريدها واشنطن، فهل تستخدم روسيا
الفيتو، أم يتم التفاهم بشأن معبر واحد؛ أي معبر باب الهوى، لإيصال المساعدات؟
المصدر :
الميادين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة